لم يعد يعنينى هذا البكاء

فاجأني صوت الهاتف؛ فأيقظني من نومي.. فنظرت بغيظ، فإذا هو رقمها.. فازداد غيظي وأغلقت الهاتف ثم عاودت أدراجي إلي الفراش.. وما هي إلا لحظات وجاءني صوت الهاتف مرة أخرى لأشيط غيظا..
رفعت سماعة الهاتف وأنا اصرخ فيها: "ماذا تريدين في هذا الوقت.. ألم نفترق... لماذا...؟!" وانقطع صوتي فجأة، فالصوت لم يكن صوتها.. كان صوتا آخر يبكي.. لم أتبين في بادئ الأمر، وظننت أني لم أرى الرقم.. لكن هذا صوت يشبهها ..نعم ... نعم..
إنه صوت أمها تبكي.. قالت كلمة واحدة أحاول أن أفهمها.. أجل قالت لي: "إنها ماتت" ..لم أفهم في البداية ..ربما لم أصدق ..ودخلت فراشي مرة أخري لأنام وأنسى هذا الحلم المزعج.
لكني لم أستطع.. دهشتي أفقدتني رغبتي في النوم.. كيف ماتت ومتى؟! بالأمس هاتفتني كانت تريد الحديث معي وأبيت.. أترى في الأمر خدعة؟! ...أتراها تكذب علي؟! أخذت الهاتف وعاودت الاتصال.. الدقائق تمضي ..ورنين طويل.. هممت بإغلاق الهاتف.. وأدركت إنها كاذبة.. وزاد سخطي عليها.. ولكن ها هو أحد يجيب: أصوات بكاء، ونحيب.. وصوت الآيات تُتلى.. يا الهي لقد ماتت حقا.. لست ادري من أجاب علي.. كلمات تخرج من الأفواه: "ستدفن غدا" .........
بدلت ملابسي لست أدري كيف وصلت إلي بيتها.. فتحت لي أمها وهي تبكي متلفحة في السواد وما أن رأتني حتى زاد نحيبها.. لقد مضى زمن طويل منذ دخلت ذلك البيت.. طلبت أن أرها.. منعني أبوها: "لم تعد تحل لك.. لم تعد زوجتك.. لماذا أتيت؟!" فاجئني سؤاله حقا "لماذا أتيت" ..جئت لأرها ..نعم شيء يدفعني لأن أراها..
كنت أريد أن أسألها ماذا كانت تريد ..كان هناك شيئاً تريد أن تقوله ..ليتني سمعتها بالأمس.. ياه إنه الأمس ..الأمس فقط ..منذ سويعات قليلة كانت تريد أن تقول شيئا يا ترى ماذا هو؟!
انفتح باب غرفتها ..ها هي ممدة أمامي بلا حراك.. أتراها تسمعني ..ناديتها فأجابني الصمت .. وجهها مغطى بالملاءة، ولكني أشعر إنها تنظر إلي تلومني.. وخرجت مسرعا وأنا أشعر إنها مازلت تطاردني بنظراتها.. وداخلي سؤال واحد: "ماذا كانت تريد أمس"؟!
عاودت أدراجي ودخلت بيتي ..حاولت أن أنام قليلا جاءني صوتها، بحثت عن مصدر الصوت ..لست ادري من أين يجئ هذا الصوت.. يا الهي أنه يجيء من داخلي.. من داخل قلبي.. يا الهي كيف هذا هل مازلت أحبها؟!.. فاجأتني حقيقة مريرة وأغلقت عيوني وسبحت في عالم من الذكريات.......
ها هي أدراجها مازلت كما أغلقتها منذ أن رحلت ..لم أفكر يوما أن أفتحها ونهضت مسرعا وفتحتها ..زجاجة عطر مازالت كما هي في عبوتها ..بعض كلمات كتبت عليها، أضأت المصباح.. إنه تاريخ ..ترى هل هو تاريخ ميلادها ..بعض كلمات أخرى: "كم أحبك؟!" زهرة وبطاقة صغيرة "ترى مِن مَن؟! إنه خطي ..أنا الذي أهديتها تلك الزهرة، ولكن متى أنا لا أذكر؟!.....
مصحف صغير.. دمية صغيرة.. يا الهي كم كانت طفلة لم تنضج مشاعرها بعد.. أذكرها عندما كانت تغضب وتثور وتهتف بآلاف الكلمات التي لا أفهمها، ثم تنهمر في البكاء.. تنتظر أن آتي إليها أربت على كتفها.. آخذها بين ذراعي فتهدأ وتنام.. كم سئمت منها ومن طفولتها.. كم تركتها تبكي.. فلم يعد يعنيني هذا البكاء......

شكرا انتا منى تسلم ايك احساس عالى مشكووووووووووووووووووووووور

موضوع واحساس عالى
انت منى

» الاشعث...هدى يا انشوده البكاء ليت امى لم تلدنى لاراكى تبكين